قطيعة .. استمرارية




يبحث الحزب الشعبي PP وحزب "مواطنون" Cs عن أي وسيلة للضغط على حكومة "بيدرو سانتشيث" ليتحقق لهما هدف الوصول لحل البرلمان والدعوة لانتخابات مسبقة، على اعتبار أن هكذا انتخابات ستكون نتيجتها لصالحهما. 
السبب الأخير وراء الضغوطات اليمينية المذكورة هو قرار الحكومة الاشتراكية "تخفيف" الحكم في القضية الموجهة إلى قادة الانفصال الكاتالاني، واعتباره مجرد "محاولة للعصيان" وليس انقلاباً إستُخدم فيه عنفٌ، وهو ما تعتبره المعارضة تدخلاً في شؤون السلطات القضائية لإرضاء مآرب شخصية سلطوية. 
وبدوره يأتي هذا التصرف من قِبل الحكومة الحالية في إطار ضمان جمع أكبر قدر من الأصوات، بما فيها أصوات الأحزاب الانفصالية، لتمرير مشروع الميزانية، وتفادي القطيعة وضمان الاستمرارية في الحكم حتى 2022م. 

الحكومة الاسبانية الحالية (التي وصلت لسدة الحكم بتآلفات مع الانفصاليين والاستقلاليين، ومع حزب "بوديموس" الشعبوي المريب) لم يصبح فيها رأي واحد، بل عدة آراء، بعدد الشركاء، شركاء في الحكم سيذهب كل واحد بما يرى، وقد كان هذا هدفهم منذ تنصيب هذه الحكومة التي وصلت لسدة الحكم بتحالفٍ معهم بلا استثناء، وإذا ما بغى الشركاء فالرجوع سيكون حتما إلى الوراء، ويُدعي لانتخابات قبل الأوان، وأي حكومة يكثر فيها الخلطاء تتمزق وتصبح أشلاء.

مسألة القطيعة والاستمرارية تعيد الى الادهان قرار الجنرال "فرانكو" الصائب عام 1975 بإعادة الشرعية إلى أهلها.. إلى التاج البربوني (متمثل في شخص "خوان كارلوس الأول") في خطوة أسميها "خطوة الى الأمام بالرجوع الى الوراء".. (شرعية إلى الوراء). اثر ذلك تجاوزت إسبانيا المرحلة الانتقاليه بنجاح وسارت في خطى واثقه نحو الديمقراطية.

من المخيب للأمل أن يتناسى المتصارعون على السلطة في اسبانيا اليوم ذلك المجهود الهائل الذي بدله المؤسسون لضمان استمرارية المرحلة الديمقراطية، والتي لولا هؤلاء لما وصلت إليهم ولا وصلوا بها الى ها هنا. الخطأ الفادح سيقع في حال محو ذلك من الذاكرة بعد طول أمد عاشته اسبانيا في استقرار ورغد وهناء..

مهمة الحزب الاشتراكي قد تكمن في الرجوع خطوة الى الوراء.. لمراجعة دوره كوسيط وطريقته في اختيار الحلفاء، فأن تخسر انتخابات خير من أن تفوز بها لتتقاسمها مع خصوم مخربين أو غير أوفياء. أما الحزب الشعبي فهو على صواب فيما يرى، ولكن خطأه في أسلوب المعارضة وردود فعله التي تبدو ناتجة عن رغبة في الانتقام أكثر منها في التصحيح واقناع الخصم بتفادي ما لا يُحمد عقباه. 

No hay comentarios:

Publicar un comentario