رغم فوز الحزب الاشتراكي- الأندلس PSOE-A، بزعامة السيدة "سوسانا دِياث"، في انتخابات يوم امس الاحد 2/12/2018، إلا انه لم يتحصل على الأغلبية التي اعتادها خلال الأربعة عقود الأخيرة، حيث فاز بـ 33 مقعداً، ولكنه خسر 14 مقعدا، مقارنة بآخر انتخاب الأندلس عام 2015م، أي أنه بقي بعيداً عن الـ 55 مقعداً الكفيلة بمنحه الأغلبية الساحقة، بالرغم من تحالفه مع ائتلاف اليسار -"الأندلس إلى الأمام"- الذي يضم حزب "بوديموس" واتحاد اليسار IU، المتحصل على 17 مقعداً، وهو ما يمنح الحزب الاشتراكي 50 مقعداً فقط من أصل 109 مقاعد بالبرلمان الأندلسي، مقارنة بـ 59 مقعداً لصالح خصومه اليمينيين، وهو ما يعتبره المحللون اسوأ نتيجة انتخابات في تاريخ الحزب الاشتراكي.
الحزب الشعبي PP تحصل على 26 مقعداً، ناهيك عن تحالفه مع اليمين المتطرف (VOX) الذي جنى 12 مقعدا في البرلمان الأندلسي بطريقة غير متوقعه، وحزب مواطنون أو "ثيودادانوس" Cs. الذي تحصل على 21 مقعداً. بهذه النتيجة يصل الحزب الشعبي وحلفائه إلى عدد 59 مقعداً الكفيلة بجعل مرشح الحزب الشعبي بالأندلس يترأس المجلس الأندلسي (الذي يشرف على تسيير سياسة الحكم المحلي) في حال توصل هذا الحزب إلى اتفاق مع حلفائه المذكورين.
نتوقّع وجود تحالف ضمني بين الأحزاب اليمينية قبل موعد الانتخابات الأندلسية المذكورة أعلاه، وليس بعدها، وذلك لأن القفزة التي قفزها حزب فوكس VOX في هذه الانتخابات (من صفر إلى 12 مقعدا) لم تكن لتتحقق لولا "توطئة" من الحزب الشعبي PP. هذا الأمر طبيعي مادام هدف الحزب الشعبي هو التعجيل بالإطاحة بالحكومة الاشتراكية، أو صدّ موجة اليسار والجمهوريين، ناهيك عن أن احترامهم لحزب VOX ليس من فراغ فهو، أي الحزب الشعبي، يرى في هكذا تقارب مع ثيودادانوس وفوكس، تشكيلة قوية ستتيح له الوصول لسدة الحكم في الانتخابات العامة القادمة، سواء تقدمت الانتخابات أم تأخرت، وفي الأثناء اقترانه بحزب فوكس يزيد من حظوظه في المستقبل، ويؤكد على نجاح مهمته في توحيد اليمين كما يشير بعض المحللين الاسبان. أضف إلى ذلك أن أصول عناصر حزب "فوكس" تعود للحزب الشعبي، أو هي من صُلبه، وكانوا فيه باعتباره يمثل واجهة يمينية "أكثر اعتدالاً" إذا جاز التعبير، واليوم ظهروا للمشهد السياسي بعد 5 سنوات من الاختباء، وأيدتهم كثير من أصوات أنصار الحزب الشعبي PP.
المشهد الاسباني اليوم أشبه ما يكون في نظرنا بزمن المواجهة بين جمهوريين وقوميين، ونرجو أن لا تتهيأ الأجواء لبيئة مهدت في ألمانيا ما قبل الحرب العالمية لظهور المتشددين، وتدارك الأمر، وتفادي تداعيات أزمة الانفصال، وأزمة الأنظمة الحزبية والقيادة، مع الاهتمام بإصلاح الاقتصاد ومعالجة مشكلة الديون.
نعتقد أن غالبية سكان اسبانيا سيتقون شر المواجهة، ولكن الكاتالانيون لا يأبهون، ويعتبرونها جهاداً كما لو كانوا انتحاريين، وكلما زاد عنادهم زاد عناد وتطرف اليمين، وإذا لم يتحصلوا على تأييد في الخارج لقضيتهم فإنهم قد يستمروا، وبكل بساطة، في زعزعة استقرار أي حكومة يمينية قد تصل سدة الحكم. من جهة أخرى تحالفهم مع الحزب الاشتراكي سيكون أقوى في حال عودة الحزب الشعبي للحكم إثر انتخابات مسبقة قبل انتهاء فترة الحكومة التشريعية الحالية، وحينها تعم الراديكالية، يميناً ويسارا..
فيما يخص تفادي تداعيات أزمة الانفصال، فإن المسؤولية فيها تقع اليوم على الحزب الاشتراكي، والوصول إلى حل بالخصوص سيعود بالمنفعة على الحزب الاشتراكي، ولكن هذا سيتطلب رضوخ الحكومة الكاتالانية، وتنازل من قبل الحزب الشعبي عن هدفه الأساسي في الإطاحة بالحكومة.
No hay comentarios:
Publicar un comentario